خبر محزن فعليّاً أن خليوي «آرا» ARA سيتأخر، وهو أحد «أطرف» مشاريع الخليوي، بل أشدها جرأة. كيف لا وهو الذي يجعل الخليوي لعبة «ليغو» Lego، فيستطيع الجمهور تركيبه كأنه يجمع قطع الـ «ليغو» لصنع لعبة ما بالطريقة التي يريدها. وأخيراً، أُعلِن أن «آرا» وقطعه الإلكترونيّة المتنوّعة سوف لن تظهر في معرض «بورتوريكو» الصيفي، بل ستتأخر إلى السنة المقبلة.
وعلى طريقة الـ «ليغو»، يعطي «آرا» الجمهور العادي إمكان أن «يركّبوا» خليوياً بالطريقة التي يشتهونها، وأن يعطوه القدرات والإمكانات الفنيّة وفق ما تشتهي أهواؤهم، بالأحرى بما يتلاءم مع طريقة استخدامهم الخليوي. أبعد من ذلك، عندما يجدّ جديد في عوالم الخليوي، فيحدث تطوّر معين فيه، يكون مستطاعاً فك القطع التي حدث فيها التطوّر وإحلال أخرى جديدة مكانها، ما يغني تماماً عن ضرورة المسارعة إلى شراء خليوي جديد. لنفترض أنه ظهرت شاشة تعمل باللمس، لكنها تستجيب إلى نوعين من اللمس أحدهما عميق والآخر خفيف، وتعطي كل لمسة قائمة أعمال مختلفة عن الأخرى (وهو يشبه الـ «ماوس» الذي يحتوي على زرّين لكل منهما عمل مختلف عن الآخر). في تلك الحال، يمكن فك الشاشة واستبدالها، وكذلك إضافة القطعة الإلكترونيّة التي تتفاعل مع الشاشة الجديدة المتطوّرة، من دون الاضطرار إلى شراء خليوي جديد.
ومثال آخر. عندما يظهر نظام تشغيل «آندرويد» أكثر تقدّماً بكثير من «آندوريد 5. إكس- لوليبوب» Android 5.X: Lollipop، من المستطاع فك القرص الصلب واستبداله بآخر يكون أكثر تلاؤماً مع النظام الجديد، وإذا تطلّب الأمر استخدام قطعة «ذاكرة عشوائيّة» («رام» RAM) أكثر سرعة، من الممكن استبدال الـ «رام» بسهولة في خليوي «آرا».
6 بلايين فرد
كيف نعرف عن تلك الميّزات على رغم أن الخليوي «آرا» لم يظهر في الأسواق؟ أولاً، لأن الشركة التي تدعم مشروع «آرا» هي «غوغل» التي لم تكف منذ فترة عن نشر معلومات عن خليوي «آرا» المنتظر. وثانياً، قدّمت «غوغل» غير عرض تقني فعليّاً عن «آرا» في معارض المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة، كـ «معرض لوس أنجليس للإلكترونيّات الاستهلاكيّة» ومعرض «سي بت» في «هانوفر» الألمانيّة، خلال الأعوام القليلة الماضية. وثالثاً، هناك موقع خاص على الانترنت مخصّص لخليوي «آرا» عنوانه projectara.com («بروجكت آرا. كوم»)، وترعاه شركة «غوغل» بطبيعة الحال.
وفي مستهل موقع «بروجكت آرا.كوم»، يظهر نص معبّر عن المعنى المتضمّن في أن يكون الخليوي شبيهاً بلعبة «ليغو»، فيقبل الفكّ وإعادة التركيب، وإدخال قطع وإخراج أخرى. إذ يشير النص إلى أن الخليوي أصبح الأداة الأكثر حضوراً والأشد تأثيراً على مجرى الحياة اليوميّة للأفراد على الكرة الأرضيّة. وعلى رغم ذلك، لا يملك ذلك الجمهور رأياً في تلك الأداة التي باتت جزءاً من الإدارة اليوميّة لحيواتهم. ففي ذلك المنحى، ما زال الجمهور في موقع التلقي المطلق، بمعنى أنه يتلقى ما تصنعه الشركات من دون أن يمتلك القدرة على التأثير في ما يشتريه، بل يتقبّل الميزات والتقنيات التي تضعها الشركات في خليويّاتها، ويتوجّب عليه أن يفاضل بين قدراته المالية وبين التقديمات التقنيّة التي تتضمنها الأنواع المتتالية من الخليوي. ويلاحظ النص عينه أن 5 ملايين فرد ما زالوا غير قادرين على شراء خليوي، فلم لا يعطون الفرصة كي «يركّبوا» خليوياً، يتلاءم مع أوضاعهم الماليّة من جهة، ويقدم له الإمكانات التقنيّة التي تتضمّنها تلك الإمكانات، مهما كانت متواضعة؟ واستطراداً، يصف الموقع مشروع «آرا» بأنه يسعى لصنع خليوي يتجاوب مع الأفراد في كافة أرجاء الأرض. «إنه خليوي لستة بلايين مستهلك» Designed exclusively for 6 billion people، وفق كلمات ذلك النص عينه.
وربما بسبب ذلك الطموح المتوثّب، يجفل البعض من إمكان أن يتحول التأخير إلغاءً. فهناك من يخشى أن مصالح الشركات تبدو متضاربة في مساحات واسعة، مع وجود خليوي يمكن تبديله وتطويره وترقيته، بدل أن يكون الحل الوحيد في الحصول على تقنيّات جديدة، هو… شراء خليوي جديد! ألا يعني ذلك أن هناك أرباحاً كامنة تصبح موضع تهديد، إذا انتشر خليوي «آرا» الذي يتلاعب الجمهور بقطعه وتقنياته كما يفعل مع لعبة الـ «ليغو»؟ مجرد سؤال.